مدرسة الترتيب الافبائي للمعاجم العربيه

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذى علمنا بعد أن جهلنا ، ورزقنا من خيرا كثيرا ، وأرسل لنا نبى الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم ..
أما بعد ،،،،

لكى نتعرض للمعاجم لمعرفة معنى كلمة ما ، لابد من معرفة المنهج أو المدرسة التى ينتمى اليها هذا المعجم ، فهناك مدرسة الترتيب الصوتى ، وهناك مدرسة الترتيب الافبائي التى نحن بصددها وهناك مدارس أخرى سنتعرض لها فى مواضيع أخرى
أولا : مدرسة الترتيب الالف بائى :
الترتيب الافبائي يعنى :
أن يرتب صاحب المعجم أبواب كعجمه حسب الحروف ترتيبا ألفبائيا ، والترتيب الالفبائى هوالترتيب " ا ، ب، ت ، ث ، ج ، ....." فالكلمات التى أصلها يبدأ بالاف تكون تحت باب الالف فمثلا : إذا أردنا أن نبحث عن كلمة ( مأخوذ ) فأصل هذه الكلمة من ثلاثة حروف أى مادتها ( أخذ) فعند البحث عنها نأتى باب الهمزة من المعجم فصل الذال .
ومن رواد هذه المدرسة " ابن دريد المتوفى 321ه" سنأخذ عنه نبذه فيما يلى :
هو أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدى ، ولد بالبصرة سنة 223ه وأخذ فيها العلم عن أبي حاتم السجستانى ، وأبي الفضل الرياشى .. وغيرهم . ثم رحل الى عمان مع عمه الحسين بعد غلبة الزنج على البصرة ، وبقى بعمان اثنتى عشرة سنه ، ثم قصد إلى خراسان ، ونال حظوة واليها ، وأنشده قصيدة مشهورة يمدحه فيها ، وفى عام 308 ه انتقل ابن دريد الى بغداد وكان من أئمة البصريين واقدرهم على الشعر ومن مؤلفات ابن دريد : كتاب السرج واللجام ، وكتاب صفة السحاب والغيث ، وكتاب رواد العرب ، وكتاب الخيل الكبير ، وكتاب الخيل الصغير ، وكتاب الانواء ، وكتاب السلاح ، وكتاب غريب القرآن وغيرها ، ومعجم جمهرة اللغه الذى أخذناه مثالا لمدرسة الترتيب الالفبائي فى المعاجم .
كتاب جمهرة اللغة :
سبب التسمية :
سماه " جمهرة اللغه " لأنه استعمل المعروف واختار له الجمهور من كلام العرب فيقول " وألغينا المستنكر الوحشى ، واستعملنا المعروف وسميناه كتاب الجمهرة ، لأنا اخترنا له الجمهور من كلام العرب "
ثم يذكر ابن دريد أن ترتيب الخليل بن احمد معجمه ترتيب حسب المخرج ترتيب شاق على المبتدئ فى اللغه لذا رتب ابن دريد كتابه ترتيبا ألفبائيا .
واذا اطلعنا على كتاب الجمهرة وجدناه يسلك نهج الخليل فى التبويب حسب الابنية فضلا عن التخريجات الكثيرة التى افتعلها ابن دريد تزيدهما صعوبة ومشقة .
وباتباع ابن دريد نظام التقليبات نجده لا يبدأ بالحرف الاول من أصل الكلمة بل انه يبدأ بأسبقية الحرف فى الترتيب الالفبائي فمثلا " عبد " نجدها فى الباء وليس العين لأن الباء تسبق العين والدال فى الترتيب الالفبائي .
لقد بوب ابن دريد معجمه حسب الابنية التى رأى أنها ستة الثنائى ، والثلاثى ، والرباعى ، والخماسي ، والسداسى ) . وقد تتبع الدكتور " عبد السميع محمد أحمد " أبواب الجمهرة وحصرها فى سبعة عشر بابا كالآتى :
1- الثنائي الصحيح : وهو ما ضعف فيه الحرف الثانى ( أبّ ، أزز)
2- الثنائي الملحق ببناء الرباعى المكرر ، وهو ما ضعف فيه الحرفان ( زلزل ، بتبت)
3- الثنائى المعتل : وما تشعب منه وذلك ببناء الحرف الصحيح مع أحد حروف العلة "أ،و،ي" ( باء ، نوى )
4- الثلاثى الصحيح وما تشعب منه ( بثج ، بكل )
5- الثلاثى يجتمع فيه حرفان مثلان فى أى موضع ( بتت ، جعع)
6- الثلاثى عين الفعل منه أحد حروف اللين ( باب ،خاخ)
7- الثلاثى المعتل : وقد عبر عنه ابن دريد بقوله :"مالحق بالثلاثى الصحيح بحرف من حروف اللين "
8- باب النوادر فى الهمز: وهو مما ألحق بأبواب الثلاثى ( أنت ، كلأ )
9- باب اللفيف فى الهمز : ( وزأ الإناء : أى ملأه ..)
10- أبواب الرباعى الصحيح ( جعتب )
11- الرباعى جاء فيه حرفان مثلان ( دردق )
12- الرباعى جاء على أوزان ( فَعِلّ ، فِعِلّ ، فُعَلّ )
13- ما يلحق به مما جاء على أوزان أخرى ..
14- الخماسي
15 - السداسى
16- اللفيف ، وسماه ابن دريد لفيفا ؛ لقصر أبوابه والتفاف بعضها إلى بعض
17 - أبواب متفرقة من النوادر .
مميزات هذا المعجم :
1- ترتيب ابن دريد القائم على أساس الترتيب الهجائي العادى وهجره الترتيب القائم على أساس صوتى .
2- اهتمامه بالقراءات القرآنية .
3- اهتمامه بشرح الالفاظ ، واعتماده على المأثور من كلام العرب شعرهم ونثرهم ورسائلهم .
4- الاهتمام باللهجات العربية .
5- اعتناؤه بالمعرب والدخيل .
6- كان أمينا فى معجمه ، ينقل عن العلماء ويتحدث عن مصادره ؛ فيذكر اسماء من ينقل عنهم ويشير أحيانا الى كتبهم .
مآخذ على ابن دريد :
1- التكرار : حيث جعل قسمان للثنائى الصحيح ..
2- اعتباره الهمزه من أحرف العلة .
3- فى باب اللفيف وهو الباب الذى يضم كلمات على أوزان قليلة ، حشد كلماته بدون ترتيب ، وبعضها سبق توزيعه على الأبواب .
4- يذكر فى أبواب الثلاثى الصحيح أمثلة للثلاثى المعتل مثل ( بنو، بوه ..)
5- عده تاء التأنيث حرفا أصليا ومن ذلك ما جاء فى مادة ( ج ع ه ) .
6- مخالفته لما نبه عليه فى المقدمة من إثاره للجمهور من كلام العرب ، وتجاهله للوحشي والمستنكر ؛ حيث أكثر من الألفاظ الغريبة حتى انفرد بأشياء لم ترد فى معاجم غيره ، وأفاد من هذا النوع السيوطى فى مزهره فى الفصل الخاص بمعرفة الضعيف والمنكر والمتروك من اللغات .
7- رماه الازهري بالافتعال وتوليد الالفاظ يقول :" وممن ألف فى عصرنا الكتب فوسم بالافتعال وتوليد الالفاظ .... وادخال ما ليس من كلام العرب فى كلامهم أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد ، وتصفحت كتاب الجمهرة له فلم أره دالا على معرفة ثاقبة ، وعثرت منه على حروف كثيرة أنكرتها ولم أعرف مخارجها " .
8-شرحه بعض الالفاظ بكلمة ( معروف ) واختصاره فى تعريف بعض الالفاظ .
طريقة البحث فى معجم الجمهرة :
1- تجريد الكلمة من الزوائد مثل ( ربابة ـــــــ ربب)
2- ترتيب الكلمة بعد تجريدها ترتيبا هجائيا حسب الترتيب الهجائي المعروف ( أ، ب، ت، ث، ...) ويبحث عنها فى باب أسبق حروفها فى هذا الترتيب ( ب ر )
3- ينظر الى بناء المادة ، وعدد حروفها ، ونوعها وظواهر وضعها ( ثنائية - ثلاثية - رباعية ....) صحيحة أو معتلة أو مهموزة أو مضعفة أو غير مضعفة ( الباب الباء ، القسم الثنائي ، التقليبات( ب ر، ر ب ) .